كيف تلعب لعبة رفع وخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي؟ مقال يوضح لك الخدع وراء ذلك وتأثيره على سوق العملات الرقمية

عند الحديث عن رفع وخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، كثير من مستخدمي العملات الرقمية يبدون معرفة ظاهرة بأن هذا الشيء يؤثر على أسعار العملات، لكن القليل منهم يفهمون فعليًا منطق العمل وراء ذلك. في الحقيقة، هذا العامل يحدد تدفق السيولة على مستوى العالم، ويحدد مباشرة تحول السوق من سوق صاعدة إلى سوق هابطة والعكس. فعندما يرفع الفائدة، تتشدد السيولة، ويبرد السوق، وعندما يخفض الفائدة، تتدفق السيولة بشكل مفرط، وتنهال الأصول في الارتفاع.

لماذا الاحتياطي الفيدرالي قوي جدًا؟

الاحتياطي الفيدرالي هو البنك المركزي للولايات المتحدة، لكنه ذو مكانة خاصة — فهو لا يقتصر على إدارة الاقتصاد الأمريكي فقط، بل يسيطر على إيقاع السوق المالي العالمي بسبب مكانة الدولار. هو يراقب رسميًا مؤشرين فقط: معدل البطالة ومعدل التضخم (مؤشر PCE الأساسي). أي تغير في هذين الرقمين يجعل رؤوس الأموال العالمية تبدأ في الهروب.

كيف يطبع الاحتياطي الفيدرالي النقود؟

الكثير يعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي يطبع النقود بشكل عشوائي، لكن الأمر ليس كذلك. طباعة النقود تتطلب وجود أصول مضمونة — حاليًا، غالبًا ما تكون سندات الخزانة الأمريكية. العملية كالتالي:

1. يحتفظ الاحتياطي الفيدرالي بسندات الخزانة في سجلاته.
2. وزارة الخزانة تُعلم البنك المركزي بأنه يمكنه إصدار نقود مقابل تلك السندات.
3. البنك المركزي يطبع الدولار ويضعه في السوق.
4. الدولار يُستخدم لشراء سندات خزانة جديدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
5. الأموال تتدفق إلى السوق.

ببساطة، هو نوع من “التبادل بين اليد اليمنى واليسرى” — حيث يتعاون البنك المركزي مع الحكومة الأمريكية، يطبعون الدين ويضخون السيولة في السوق بشكل متكرر، مما يخلق تدفقًا مستمرًا من النقود.

دورة رفع الفائدة: هروب الأموال

متى يتم رفع الفائدة؟ عندما يتجاوز التضخم 3%، ويكون معدل البطالة أقل من 5.6%. في هذه الحالة، يركز الاحتياطي على كبح التضخم.

كيف يتم رفع الفائدة؟ عبر أدوات مثل:

1. رفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية: لزيادة تكلفة الاقتراض بين البنوك، مما يجعل الشركات والأفراد يقترضون أقل، وتصبح القروض أغلى.
2. تقليل حجم الميزانية العمومية (التمهل في التوسع): حيث يبيع الاحتياطي سندات الخزانة التي يملكها، مما يقلل السيولة المتاحة في السوق. أحيانًا تكون عوائد تلك السندات مرتفعة جدًا (حتى 37.5% سنويًا)، فتتنافس البنوك على شرائها، مما يسحب السيولة من السوق.

تأثير ذلك على سوق العملات الرقمية والأسهم: الأموال تتجه إلى البنوك ذات الفوائد العالية، ولا يبقى الكثير للاستثمار في الأسهم أو العملات الرقمية. السوق ينهار، والأسعار تتراجع بشكل كبير. كما أن الشركات تواجه صعوبة في التمويل، ويبدأ معدل البطالة في الارتفاع، وتبدأ رؤوس الأموال العالمية في التدفق نحو الدولار، مما يؤدي إلى ارتفاع قيمته، وبيع الأصول في باقي العالم بشكل مكثف. هذا هو السبب في أن دورة رفع الفائدة غالبًا ما تترافق مع انهيارات في الأصول العالمية.

دورة خفض الفائدة: تدفق الأموال

متى يتم خفض الفائدة؟ عندما يرتفع معدل البطالة إلى حوالي 5%، أو عندما يعود التضخم إلى حوالي 2%. عندها، يبدأ الاقتصاد في التباطؤ، ويحتاج الاحتياطي إلى ضخ السيولة.

كيف يتم ذلك؟ عبر أدوات مثل:

1. خفض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية: مما يجعل الاقتراض أرخص، ويشجع على الإنفاق والاستثمار.
2. زيادة التوسع في الميزانية العمومية (التوسع في شراء السندات): حيث يشتري الاحتياطي سندات الخزانة بشكل مكثف، ويطبع نقودًا جديدة، مما يؤدي إلى تراجع قيمة الدولار.

إلى أين تذهب السيولة؟ مع تراجع قيمة الدولار وارتفاع الفوائد البنكية، تتدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق العالمية، مثل الأسهم، العقارات، والعملات الرقمية. وهذا هو السبب في أن دورة خفض الفائدة غالبًا ما تكون مصحوبة بأسواق صاعدة، حيث ترتفع الأسهم والعملات الرقمية بشكل كبير.

معادلة لفهم الصورة الكاملة

افترض أن باقي العوامل ثابتة، ماذا يحدث عند خفض الفائدة؟

• ارتفاع سوق الأسهم الأمريكية والسندات والأسهم العالمية.
• انخفاض قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى.
• ارتفاع الذهب، أسعار النفط، وأسعار العقارات.
• العملات الرقمية (مهم جدًا! عادةً ما تصل البيتكوين والإيثيريوم إلى أعلى مستوياتها التاريخية خلال فترات خفض الفائدة).

وعكس ذلك، عند رفع الفائدة، تتجه الأمور في الاتجاه المعاكس.

ما يجب أن يعرفه مستخدمو العملات الرقمية

سياسات الاحتياطي الفيدرالي تحدد الاتجاه العام للسوق الرقمية. المؤشرين الأساسيين الآن هما: معدل البطالة ومؤشر PCE الأساسي. عندما يتحسن هذان المؤشران معًا، يكون الوقت مناسبًا لبدء التحضير للدورة الصاعدة القادمة. البيانات التاريخية تظهر أن الفارق الزمني بين ذروة رفع الفائدة وبدء خفضها عادة يكون من 6 أشهر إلى سنة — وهذه فترة الفرصة للاستعداد.

نقطة أخيرة: مع كل دورة رفع للفائدة، يخلق الاحتياطي أزمات في مناطق أخرى (حروب، نزاعات طاقة، تغييرات سياسية)، لكي يتدفق رأس المال باستمرار نحو الولايات المتحدة. هذا ليس مؤامرة، بل هو نمط متكرر منذ عقود، لم يتغير أبدًا.