انخفاض الحجم، وتقلص الحجم وارتفاع السعر... ماذا تعني هذه إشارات الحجم والسعر؟ دليل للمتداولين يجب قراءته

في تداول العملات الرقمية والأسهم، يركز الكثيرون على الأسعار ويتجاهلون حجم التداول. لكن الخبراء جميعًا يعرفون سرًا: السعر مجرد سطح، وحجم التداول هو الحقيقة. اليوم سنتحدث عن تلك العلاقة بين الحجم والسعر التي يسهل تجاهلها لكنها ذات قوة هائلة، وكيفية استخدامها لتحديد أوقات الدخول والخروج بدقة.

لماذا حجم التداول مهم جدًا؟

العلاقة بين الحجم والسعر تعكس في جوهرها الموقف الحقيقي لمشاركي السوق. عندما يزداد حجم التداول أو يتقلص، غالبًا ما يكون ذلك مخفيًا وراء تغيّر كبير في سلوك المستثمرين.

ببساطة:

• حجم تداول مرتفع = توافق السوق (سواء كان تفاؤلًا أو تشاؤمًا)
• حجم تداول منخفض = تردد السوق، نقص في اليقين
• انحراف بين الحجم والسعر = قد يكون إشارة على انعكاس الاتجاه قريبًا

باستيعابك لهذه النقاط الثلاث، ستتمكن من استشعار تغيّر السوق قبل معظم المتداولين.

شرح إشارات الحجم والسعر الخمسة

1. السعر مستوي مع تراجع الحجم — حذر من فخ التوحيد

السهم أو العملة تتذبذب داخل نطاق سعري ضيق، مع استمرار تراجع حجم التداول.

في مثل هذه الحالة، يبدو أن السوق دخل في حالة نوم. يفقد المستثمرون الاتجاه، ولا يعرفون هل يشترون أم يبيعون. عادةً، يكون تساوي السعر مع تراجع الحجم مؤقتًا، لكنه قد يكون أيضًا هدوءًا قبل هبوط حاد.

نفسية السوق: تردد واضح، السوق يفتقر إلى المبادرة

في حالات حقيقية، ظهرت هذه الظاهرة مع شركة إنفيديا (NVDA) خلال فترات التوحيد — حيث تتذبذب الأسعار داخل نطاق معين، ويتراجع الحجم أسبوعًا بعد أسبوع، حتى يظهر محفز معين، ويحدد السوق الاتجاه.

كيفية التعامل مع ذلك: خلال فترة تساوي السعر مع تراجع الحجم، من الأفضل أن تراقب وتنتظر زيادة واضحة في الحجم قبل التدخل.

2. ارتفاع السعر مع تراجع الحجم — إشارة زائفة للارتفاع

السعر يحقق ارتفاعات جديدة، لكن حجم التداول يتناقص تدريجيًا. قد يبدو متناقضًا، أليس كذلك؟

لكن المشكلة هنا. الارتفاع بدون دعم من حجم تداول قوي غالبًا ما يكون نهاية قوية.

هذه الظاهرة تخبرنا أن دافع الشراء يتراجع. ربما يكون مجرد مضاربون يلاحقون الاتجاه، أو أن المؤسسات تخرج من السوق بهدوء. عندما يصل الحجم إلى أدنى مستوياته، غالبًا ما يكون الانعكاس على الأبواب.

نفسية السوق: المشاركون يفقدون الاهتمام، وقوة الارتفاع تتضاءل

مثال على ذلك، تسلا في بداية 2017 — حيث ارتفعت الأسعار، لكن قليل من الناس كانوا يشترون فعليًا. وعندما برود السوق، انهارت هذه الارتفاعات الضعيفة فجأة.

كيفية التعامل مع ذلك: عندما ترى ارتفاع السعر مع تراجع الحجم، لا تشتري على الفور. من الأفضل تقليل المراكز تدريجيًا أو وضع أوامر وقف خسارة.

3. خروج الحجم أثناء الهبوط — أخطر إشارة

هذه من أخطر الإشارات التي يجب الحذر منها. هبوط السعر مع زيادة كبيرة في الحجم.

ماذا يعني ذلك؟ بيع جماعي، هلع وذعر.

هناك حالتان لحدوث خروج الحجم أثناء الهبوط:

الحالة أ: هبوط اتجاهي مستمر
السعر ينخفض باستمرار، والحجم يتزايد، مما يعكس تشاؤمًا عميقًا في السوق. انهيار السوق في بداية 2020 بسبب COVID-19 هو مثال واضح — حيث ارتفعت أحجام التداول مع هبوط الأسهم المرتبطة بالسفر مثل هيلتون (HLT)، مع مخاوف من تأثير الوباء على الأرباح.

الحالة ب: هبوط فرصة
أحيانًا يكون خروج الحجم أثناء الهبوط فرصة للمستثمرين. مثلا، شركة استحضار التجميل Estée Lauder (EL) أعلنت عن تحذير أرباح في 2023، وهبطت أسهمها بشكل حاد مع ارتفاع حجم التداول. لكن من خلال متابعة الحركة، يتضح أن هذا البيع المفرط يخلق فرصة ممتازة للشراء. المتداولون المتمرسون يشتريون عند القاع ويحققون أرباحًا جيدة.

نفسية السوق: هلع، تشاؤم جماعي، سيولة وفيرة (وهذا سلاح ذو حدين)

كيفية التعامل مع ذلك: عند ظهور خروج الحجم أثناء الهبوط، لا تتسرع في البيع. يجب أن تفرق بين انعكاس الاتجاه وتقلبات فنية، ثم تقرر ما إذا كنت ستتجنب أو تشتري.

4. تراجع الحجم أثناء الهبوط — إشارة ضعف

السعر ينخفض، لكن الحجم يتقلص. يبدو أن هذا أقل خطورة من خروج الحجم أثناء الهبوط.

في الواقع، هذا يعكس أن المشترين غائبون تمامًا. لا أحد يرغب في الشراء، والبائعون لا يسرعون في البيع. السوق يدخل في حالة ركود.

تراجع الحجم أثناء الهبوط قد يكون إشارة مؤقتة لراحة السوق، أو استعدادًا لتصحيح أعمق، لكنه أقل خطورة من خروج الحجم أثناء الهبوط.

نفسية السوق: تردد، غموض في الاتجاه، لكن بدون هلع

مثال على ذلك، نتفليكس في بعض مراحل هبوط 2018 — حيث تراجعت الأسعار شهريًا، مع تراجع حجم التداول بشكل تدريجي.

كيفية التعامل مع ذلك: من الأفضل عدم التسرع في الشراء خلال تراجع الحجم. انتظر إشارات واضحة — إما ارتفاع السعر مع حجم (تأكيد انعكاس)، أو انخفاض السعر مع حجم (تأكيد اتجاه).

5. انخفاض السعر مع زيادة الحجم — فرصة ومخاطر في آن واحد

السعر ينخفض، لكن حجم التداول يتزايد. هذا أكثر تعقيدًا من خروج الحجم أثناء الهبوط، لأنه يحمل معنيين:

المعنى أ: تأكيد الاتجاه
المشاركون يتشائمون بشكل جماعي، ويواصلون البيع. قد يدل على هبوط أعمق.

المعنى ب: إشارة قاع
على العكس، زيادة الحجم أثناء انخفاض السعر قد تعني أن المستثمرين بدأوا في بناء مراكزهم في المنطقة القاعية. مثلا، شركة أبل في نهاية 2018، بسبب ضعف مبيعات iPhone والتوترات التجارية بين الصين وأمريكا، هبطت بشكل كبير مع ارتفاع حجم التداول. لكن بعد ذلك، ارتدت الأسهم، وحقق المستثمرون الذين اشتروا عند مناطق الحجم العالي أرباحًا جيدة.

مثال آخر هو بلاك بيري (BB). منذ 2012، مع تراجع سوق الهواتف الذكية، هبط سعرها بشكل مستمر، لكن خلال فترات التصحيح العميق، بدأ مستثمرون أذكياء في بناء مراكزهم، وفي النهاية ارتد السعر من القاع.

نفسية السوق: تعتمد على الموقع — في القمم هو استمرار للاتجاه، وفي القيعان هو اكتشاف قيمة

كيفية التعامل مع ذلك: المهم هو تحديد موقعك في السوق. استخدم مؤشرات فنية مثل RSI، وBollinger Bands، لتحديد ما إذا كنت في منطقة تشبع بيع، وادمج ذلك مع تقييمات أساسية لاتخاذ القرار.

جدول يوضح العلاقة بين الحجم والسعر

نصائح عملية: علاقة الحجم والسعر ليست دائمًا قاعدة مطلقة

أخيرًا، تذكير مهم: علاقة الحجم والسعر جزء من أدوات اتخاذ القرار، ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها لاتخاذ جميع القرارات.

الخبراء الحقيقيون يدمجون علاقة الحجم والسعر مع:

• مؤشرات فنية أخرى (معدلات، MACD، RSI)
• البيانات الأساسية (الأداء، السياسات، توجهات القطاع)
• البيئة السوقية العامة (هل السوق صاعد أم هابط، تفضيل المخاطرة)
• أداء السيولة (تحركات المؤسسات، الصفقات الكبيرة)

عند دمج كل هذه العوامل، ستفهم السوق بشكل أعمق، وتكون قراراتك أكثر نضجًا. علاقة الحجم والسعر تساعدك على اكتشاف الحالات غير الطبيعية مبكرًا، لكن الأرباح الحقيقية تأتي من التنفيذ المدروس والتفكير العميق.

الآن، بعد أن تعلمت الإشارات الخمسة لعلاقة الحجم والسعر، الخطوة التالية هي التدريب على تمييزها في السوق الحقيقي. كل ملاحظة تكتسبها تضيف إلى خبرتك، وفي النهاية ستتمكن من قراءة السوق كما تقرأ كتابًا، وتفهم القصص التي يرويها الحجم والسعر بسهولة.