تحليل الذهب اليوم: العوامل الكبرى وراء الانخفاض المتتالي

الصورة الحالية: الذهب تحت ضغط متعدد الأوجه

يشهد سعر الذهب موجة هبوط متواصلة للجلسة الرابعة على التوالي، حيث انخفض المعدن إلى نطاق 4,010 – 4,020 دولار للأونصة خلال تداولات اليوم. هذا الانخفاض يعكس تزامن عدة عوامل سلبية: ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، وتراجع الآمال في تخفيضات الفائدة القادمة، بالإضافة إلى حالة الانتظار والحذر التي تسيطر على السوق قبل إعلان بيانات اقتصادية حاسمة.

هيمنة الدولار على مسار الأسعار

يلعب الدولار الأمريكي دورًا محوريًا في تحديد اتجاهات الذهب حاليًا. كلما ارتفع مؤشر الدولار، أصبح الذهب أكثر غلاءً بالنسبة لحملة العملات الأخرى، مما يقلل الطلب الحقيقي والمضاربي عليه. يمثل الدولار القوي في الأسابيع الأخيرة ضغطًا مباشرًا على معنويات المستثمرين.

على مستوى السوق، حافظ مؤشر الدولار على مستويات مرتفعة خلال تعاملات اليوم، مستفيدًا من عوامل مثل حالة عدم اليقين بشأن السياسة النقدية الأمريكية. هذا الثبات عند مستويات قوية كان كافيًا لدفع المستثمرين لبيع بعض مراكزهم في الذهب، خاصة بعد أن أصبحت الحركة أكثر حساسية تجاه تحركات العملة الأمريكية.

انكماش احتمالات تخفيض الفائدة

تراجعت نوقعات السوق بشأن خفض الفائدة الأمريكية بشكل ملحوظ. بينما كانت الأسواق تتوقع احتمالًا قريبًا من 100% لخفض جديد بعد قرار سبتمبر، انخفضت هذه النسبة إلى 42% فقط في الفترة الأخيرة، وفقًا لأدوات متابعة الفيدرالي.

جاء هذا التحول نتيجة تصريحات متشددة من عدة مسؤولين بالبنك المركزي، وعلى رأسهم نائب رئيس الفيدرالي، الذي أكد على ضرورة “الحذر والتدرج” في أي تخفيضات إضافية، معتبرًا أن الأوضاع الاقتصادية لا تزال متوازنة بين مخاطر سوق العمل والتضخم.

من الناحية النظرية، الذهب يفقد جاذبيته في بيئات الفائدة المرتفعة، لأنه لا يدرّ عائدًا مباشرًا مقارنة بالأدوات الأخرى. لذا فإن توقعات الإبقاء على الفائدة مرتفعة تعني ضغطًا مستمرًا على المعدن النفيس.

الفجوة المعلوماتية: تأثير الإغلاق الحكومي

خلقت فترة الإغلاق الحكومي الأمريكية الممتدة لستة أسابيع حالة نادرة من الغموض في الأسواق. توقف صدور البيانات الاقتصادية الرئيسية مثل مؤشرات التضخم، مبيعات التجزئة، وبيانات سوق العمل، تاركًا المتداولين بلا أساس واضح لاتخاذ القرارات.

في ظل هذا الفراغ المعلوماتي، اعتمد المستثمرون بشكل أساسي على التصريحات الرسمية والآراء الشخصية لمسؤولي البنك المركزي. النتيجة كانت إعادة تسعير متقلبة لتوقعات السياسة النقدية، انعكست سلبًا على أسعار الذهب.

الآن، مع عودة الحكومة للعمل، ينتظر السوق سيلًا من البيانات الاقتصادية التي قد تحدد المسار القادم للسياسة النقدية بوضوح.

اللحظات الحاسمة القادمة: محضر الفيدرالي وتقرير الوظائف

يشهد هذا الأسبوع حدثين محوريين:

محضر اجتماع الفيدرالي (الأربعاء): من المتوقع أن يكشف المحضر عن آراء صناع السياسة بشأن توازن التضخم وسوق العمل. أي إشارات تفضل الإبقاء على الفائدة مرتفعة ستضغط مباشرة على أسعار الذهب.

تقرير الوظائف غير الزراعية (الخميس): يعتبر هذا التقرير الأداة الأقوى لتحديد توقعات ديسمبر. إذا جاء التقرير قويًا، سيعزز فكرة أن الاقتصاد قوي ولا يحتاج لخفض الفائدة، وهو سيناريو سلبي للذهب. أما إذا أظهر تباطؤًا، فقد يعيد إحياء احتمالات الخفض ويدعم المعدن.

حتى إعلان هذه البيانات، ستبقى حركة السوق محدودة وحذرة، مع تقلبات محدودة لا تعكس التوجهات الحقيقية.

الدعم طويل الأجل: عوامل هيكلية مستمرة

بينما يواجه الذهب ضغوطًا قصيرة الأجل، إلا أن هناك عوامل أساسية تواصل دعم المعدن على المدى الطويل:

التوترات الجيوسياسية: الأحداث المستمرة في مناطق مختلفة، بما فيها الصراعات الإقليمية والتطورات العسكرية، تخلق حالة من عدم اليقين. يزيد هذا من الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب كملاذ استثماري.

مخاوف الديون الأمريكية: ارتفاع الدين العام والعجز المتزايد في الميزانية يدفع المستثمرين للبحث عن أدوات تحوط ضد المخاطر الاقتصادية المستقبلية.

تحول البنوك المركزية: استمرت البنوك المركزية حول العالم، خاصة في الصين وروسيا، في زيادة احتياطياتها من الذهب. يعكس هذا الاتجاه رغبة طويلة الأجل في تنويع الاحتياطيات والتقليل من الاعتماد على الدولار.

هذه العوامل تشير إلى أن أي موجة هبوط حالية قد تكون مؤقتة فقط، وأن الذهب سيحافظ على جاذبيته للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار والأمان.

المشهد التقني: مستويات رئيسية للمراقبة

يتداول الذهب حاليًا بالقرب من 4,018 دولار بعد تراجع من القمة عند 4,381 دولار. على الإطار الزمني لأربع ساعات، يظهر ضغط بيعي واضح، خاصة بعد فشل السعر في الحفاظ على الارتدادات.

مستويات الدعم الرئيسية:

  • 4,000 دولار: حاجز نفسي مهم قد يشهد تفاعلات قوية
  • 3,928 دولار: أقوى دعم حالي على الشارت
  • 3,700 دولار: دعم تاريخي قد يستهدفه السعر في حالة الهبوط المستمر

مستويات المقاومة الرئيسية:

  • 4,045 دولار: أول مقاومة مباشرة للارتدادات
  • 4,120 دولار: مقاومة فرعية مهمة
  • 4,245 دولار: المقاومة الأساسية التي يجب اختراقها لتغيير الاتجاه

مؤشر القوة النسبية يتحرك حول 35، مما يعكس ضعف الزخم الصعودي واقتراب مستويات التشبع البيعي. أحجام التداول لا تظهر ذعرًا حادًا، مما يشير إلى هبوط متدرج بدلًا من انهيار حاد.

أداء المعادن الأخرى: هبوط موحد

لم تقتصر الضغوط على الذهب وحده. شهدت المعادن النفيسة الأخرى انخفاضات متزامنة:

الفضة انخفضت بنسبة 1.2% إلى 49.58 دولار للأونصة، مما يعكس ضعف شهية المخاطرة. البلاتين تراجع بنسبة 1% إلى 1,517.73 دولار، متأثرًا بتراجع الطلب الصناعي خاصة من قطاع السيارات. البلاديوم انخفض بنسبة 1.5% إلى 1,372.05 دولار، لأسباب صناعية مماثلة.

هذا التراجع الموحد يؤكد أن جميع المعادن النفيسة تتأثر بنفس المزيج من عوامل قوة الدولار، تراجع توقعات الفائدة، وعدم وضوح البيانات الاقتصادية قصيرة الأجل.

الخلاصة: انتظار حاسم قبل التحرك

الذهب يعاني حاليًا من ضغوط متعددة الجبهات، لكن هذا لا يعني أن الاتجاه الطويل الأجل مهدد. الأسابيع القادمة حاسمة جدًا، فإذا أظهرت البيانات الاقتصادية تراجعًا اقتصاديًا، قد يعود الذهب للصعود بقوة. أما إذا أظهرت قوة اقتصادية، فقد يستمر الضغط قليلًا.

على أي حال، العوامل الهيكلية طويلة الأجل تبقى داعمة، والمخاطر الجيوسياسية لم تختفِ. بمعنى آخر، الهبوط الحالي قد يكون فرصة للمستثمرين على المدى الطويل، خاصة عند مستويات الدعم المهمة.

قد تحتوي هذه الصفحة على محتوى من جهات خارجية، يتم تقديمه لأغراض إعلامية فقط (وليس كإقرارات/ضمانات)، ولا ينبغي اعتباره موافقة على آرائه من قبل Gate، ولا بمثابة نصيحة مالية أو مهنية. انظر إلى إخلاء المسؤولية للحصول على التفاصيل.
  • أعجبني
  • تعليق
  • إعادة النشر
  • مشاركة
تعليق
0/400
لا توجد تعليقات
  • Gate Fun الساخن

    عرض المزيد
  • القيمة السوقية:$3.51Kعدد الحائزين:1
    0.00%
  • القيمة السوقية:$3.53Kعدد الحائزين:2
    0.00%
  • القيمة السوقية:$3.56Kعدد الحائزين:2
    0.00%
  • القيمة السوقية:$3.53Kعدد الحائزين:2
    0.04%
  • القيمة السوقية:$3.5Kعدد الحائزين:1
    0.00%
  • تثبيت